نعم.. يُمكِننا تصدير الخبرة!

لم يكن يخطر ببالي أننا يمكن أن نُصدِّر الخبرة من الجزائر، بل إن الفكرة ذاتها كانت غير صحيحة بالنسبة إلي، هل نستطيع أن نُعطي ما لا نملك؟ دائما لسان حالي يقول: وهل لدينا أصلاً خبرة وكفاءة حتى نُصدِّرهما؟ بل وكيف يُمكِننا أن نَصل إلى ذلك ونحن الذين لم نعرف تصدير أي شيء خارج البترول والغاز؟

أليست هذه مُسَلَّمَة نَكاد نتّفق على أنها تَحكُم تفكيرنا جميعا في هذا المجال؟ أليس هذا واقعا يجعلنا نغرق أكثر في دائرة اليأس والقنوط؟ ولكن هل هذه مُسَلَّمَة صحيحة؟ و هل هذا واقعٌ غير قابل للتغيير؟

تلك هي الأسئلة التي أجابني عنها مدير معهد كايزن الجزائر ـ dz.kaizen باختصار ومن غير تردد: “نعم يمكن لنا القيام بالتطوير المستمر نحو الأفضل والوصول إلى درجة الجودة العالية في بلادنا كما يُمكننا تلبية الطلب المتزايد على الكفاءات داخليا وفي ذات الوقت تمكينها من الانتشار خارج الحدود، ذلك أننا نستطيع أن ننافس الآخرين ليس فقط في السوق الإفريقية والعربية بل وحتى الأوروبية والعالمية إذا ما أحْسَنَّا تكوين كفاءاتنا ووجَّهْناها الوِجهة الصحيحة”… وأضاف: “كل المسألة تتعلق بالاقتناع بأننا يمكن أن نُطوِّر ما نملك، وما نملك أكثر من ثمين: الموارد البشرية. وليس أمامنا سوى أن نُصحِّح منهجية تكوينها لينعكس ذلك على واقعنا الداخلي ويُمكِّننا من الانتقال إلى المنافسة الخارجية… تكويننا ينبغي أن ينتقل وبسرعة إلى المنهجيات الجديدة في كافة المستويات وذلك ممكن وجميع الشروط متوفرة لتحقيقه الآن”…

وبدا لي شعاع الأمل ساطعا من خلال ما سمعت: نعم الانطلاقة ينبغي أن تبدأ من الداخل، من الإنسان، من الإمكانيات التي لدينا، فقط هي المنهجيات التي ينبغي أن تتغيَّر، الهدف من التكوين الذي ينبغي أن يُحدَّد، كيف نستطيع أن نَجعل من شبابنا ليس فقط قادرا على أن يقوم بالتحسين المستمرّ بالداخل إنما أن يُصبِح مَحلَّ طلب من قبل كبرى المؤسَّسات الأجنبية، وهو القادر على المنافسة من حيث الأجور والتفاني والإخلاص في العمل؟ وهل هناك أفضل من المنهجية اليابانية في هذا المجال التي تعنيها الترجمة الحرفية لكلمة “كايزن” (التغيير إلى الأفضل)؟ لِمَ لا نستثمر في ذلك بدل تلك المنهجيات الأوربية التي عفا عنها الزمن وأثبتت فشلها؟

ذلك ما ينبغي أن نتطلع إليه، ونحن الآن نطمح إلى الانتقال إلى مرحلة الاعتماد على الإنسان، على الجزائري ذي الكفاءة في الداخل أو في الخارج، لكسر مُسَلَّمَة الفشل الخاطئة التي سكنت عقولنا، وبناء حقيقة جديدة تقول: إن الجزائر ليست فقط قادرة على تطوير ذاتها بل أيضا على تصدير خبرة أبنائها خارج الحدود.